Minimal Art Book

الواقعية السحرية
ماجي آن بورز


لكثرة تداولها المفرط؛ تتعرض الكثير من المصطلحات إلى استلاب المعنى أو تتحول إلى كلاشيه. ولهذا التداول تظن الظن أنك تهضمه جيداً، إلى أن يصدمك سؤال صريح وواضح جداً حول ماهيته. (الواقعية) على سبيل المثال هو مصطلح جدلي وشائك، لكننا لا نتردد في وصف النصوص والأعمال المسرحية والسينمائية والتشكيلية بأنها واقعية أو غير واقعية. يا سيدي الفاضل: ما هي الواقعية؟!.. وبعيداً عن الحصول على إجابة نهائية وصريحة لمفهوم (الواقعية)، يبدو أن (الواقعية السحرية) أشد إرباكاً. ففي الوقت الذي تحوي فيه متناقضين اثنين، كل نقيض فيهما مربك وجدلي وقابل للنقاش، إلا أن هذا المصطلح لا يختلف كثيراً في كيفية تعاطينا له بشكل مبتذل وهو ما يؤدي إلى استلاب معناه.

إثر أحلام سادها الاضطراب يستيقظ غريغور سامسا ذات صباح فيجد أنه قد تحوّل في فراشه إلى حشرة. هكذا يبدأ كافكا رائعته "المسخ". والسؤال: إلى أي حد يمكن اعتبار هذه الرواية رواية واقعية سحرية؟ أم هي رواية رمزية بامتياز على الرغم من تقاطعها مع طفل ماركيز الذي يولد بذيل، وأنها بشكل أو بآخر تتضمن حدوث معجزة ما.

وبما أن الواقعية السحرية ظهرت أوّل ما ظهرت من صلب اللوحة وليس من رحم السرد، هذا يجعلنا أن نقف أمام لوحات دالي على سبيل المثال بوصفها سيريالية وليس واقعية سحرية، على عكس تجربة فريدا كالو التي هي في القرب أقرب لواقعيتها السحرية. وفي نفس السياق يمكننا التساؤل حول التجارب السينمائية التي يمكن -على مضض- اعتبارها تجارب تنطوي تحت مظلة هذا المصطلح مثل فيلم (كونك جون مالكوفيتش). وبالمثل ارتباط هذا المصطلح مع ثقافة الطفل.


بالنسبة لي -على الأقل- مع إيماني أن العالم تجاوز (الواقعية السحرية) حتى على مستوى أمريكا اللاتينية التي تعتبر الحاضن الأم لهذا المذهب، إلا أنني لا بد أن أعترف أنهُ لا يستهان به حتى في وقتنا الحالي. وأن مستقبلها محل نظر وتأمل وتخمين.