Rhetoric and Ethnicity Book

حاولت الدخول إلى التفكيكية من مداخل متعددة؛ بداية من جاك درديدا و مرورا بـ جوناثان كلر ، ثم انتهاء بهذا الكتاب . و هو ربما بداية لبدايات أخرى .
أسأل نفسي : ماذا علينا كـ ( عرب ) أن نفعل تجاه كل هذه الأزمات الثقافية الناشئة في الإنسانيات الغربية ؟ هل نفتعل الأزمة الثقافية و ندعي أن هذه الأزمات الغربية تعنينا و لو من بعيد ؟ أم أن علينا أن نحفظ جنتنا الأرضية هنا في الشرق الذي لم يضل بعد - رغم كل شيء - و نصمت ؟ الافتراض الثاني يبدو ساذجا مثل تنظيرات الذين كنتُ أسخر منهم دائما !

بغض النظر : الكتاب يتميز بخلق العلاقات و توضيح التوصيل اللا مرئي في الأسس الفلسفية التي قامت عليها التفكيكية ، تاريخيا و حضاريا ، يوضح علاقة رواد التفكيكية : دريدا و دو مان و بلوم و و هارتمان بالايديولوجيات و النظريات الأخرى ، و يصنفهم كنتشويين أو هيغليين شباب ، أو ربما رومانطيقيين إضافة لكونهم تفكيكيين ، و لكنهم -بشكل ما- يدينون أما لدياليكتيك الهيغليين الشباب أو لا غائية نتشة أو مثالية كانت و الرومانطيقيين.

يثير الكتاب العديد من القضايا النقدية فيما يخلص أخلاقية القراءة من الوجهة التفكيكية ، و مفهمة الجمال أو مأسسة النظرية النقدية ، و العلاقة بين القارئ و النص و المؤلف ، العلاقة بين النقد و الأدب ، و بين النقد و الفلسفة : كل هذه الموضوعات تم مناقشتها من زوايا مختلفة .

أجمل ما قرأت في هذا الكتاب هو هذا الاقتبتس لايليس الذي يقول : " إن التفكيكية و النزعة المحافظة تشكلان نوعا من التكافل ، حيث تتغذى إحداهما من الأخرى ، و هكذا تستمر في الحياة أفكار تستحق الزوال ! "
كل هذه الهرطقة حول اللوغومركزية و الفونومركزية و القارئ الجيد ، و عدم قابلية النص للقراءة ، و المأزق المنطقي ، و الإرجاء و الاختلاف ،و كل هذه النزاعات حول المفهمة و المأسسة في الأدب ، و لا تاريخية الفكرة التفكيكية ، و انقطاعها عن الميتافيزيقيا( هي بالمناسبة تؤسس لميتافيزيقيا جديدة اسمها البلاغة و الاستعارة و المجاز ، و هو ما يشار إليه بالنقد حول تقعيد اللغة ، الامر الذي تجاهله دو مان و غيره حسب المؤلف ) ، كل هذه الهرطقات كانت نتيجة التأمل اللاواعي لقارئ لعوب كدريدا ، يمارس القراءة كلعبة و يتعامل مع الدوال كما يتعامل مع حجر النرد ..

لن أمنع نفسي من افتراض التناقضات في النص ، و لن أمنع نفسي من اللعب مع الدوال لعبة اللذة التي تجعل القراءة مختلفة ، و لكنني سأمنع نفسي بالتأكيد من التنظير و المأسسة التي تفضي بتشتت الحيقيقة و المعنى الواحد . تنظيرات دريدا مغرية لي جدا حول أخلاقية القراءة كـ ( ممارسة ) ، إنه يتيح لي حرية الللعب ، لكن التنظير بحد ذاته يبدو مأساويا .

الكتاب جميل و يستحق القراءة