Triumphal Sun: A Study of the Works of Jalaloddin Rumi Book

لن أبدأ مراجعة لمحيط الحب هذا إلا بحكاية أنين الناي :

أنين الناي نار لا هواء..
أنصت إلى الناي يحكي حكايته..
ومن ألم الفراق يبث شكايته:
مذ قطعت من الغاب، والرجال والنساء لأنيني يبكون
أريد صدراً مِزَقاً مِزَقاً برَّحه الفراق
لأبوح له بألم الاشتياق..
فكل من قطع عن أصله
دائماً يحن إلى زمان وصله..
وهكذا غدوت مطرباً في المحافل
أشدو للسعداء، وأنوح للبائسين
وكلٌ يظن أنني له رفيق
ولكن أياً منهم (السعداء والبائسين) لم يدرك حقيقة ما أنا فيه!!
لم يكن سري بعيداً عن نواحي، ولكن
أين هي الأذن الواعية، والعين المبصرة؟!!
فالجسم مشتبك بالروح، والروح متغلغلة في الجسم..
ولكن أنى لإنسان أن يبصر تلك الروح؟
أنين الناي نار لا هواء..
فلا كان من لم تضطرب في قلبه النار..
نار الناي هي سورة الخمر، وحمى العشق
وهكذا كان الناي صديق من بان
وهكذا مزقت ألحانه الحجب عن أعيننا..
فمن رأى مثل الناي سماً وترياقاً؟!
ومن رأى مثل الناي خليلاً مشتاقاً؟!
إنه يقص علينا حكايات الطريق التي خضبتها الدماء
ويروي لنا أحاديث عشق المجنون
الحكمة التي يرويها، محرمة على الذين لا يعقلون،
إذ لا يشتري عذب الحديث غير الأذن الواعية

*******

تقييم الكتاب :

1.⭐️⭐️⭐️⭐️⭐️
من نحاية كونه دراسة أكاديمية محايدة ،والمنهج الرصين المتبع (فالدكتورة شيمل تعالج ظاهرة جلال الدين الرومي كونها تهتم بالتصوف بشكل منفصل عن
الجانب الفقهي إن صح التعبير بالتالي تكون أكثر جرأة في تناول الموضوع دون محاولة تلميع ودفاع عن مولانا جلال الدين فلا تتحرج من ذكر أي شئ صح لديها ) أبواب الكتاب غطت كافة الجوانب المهمة فالكتاب مرجع هام لكل من يريد الإبحار في هذا البحر ، موسوعية الدكتورة شيمل وإحاطتها الشاملة لسيرة وأثار وأسلوب ولغة مولانا جلال الدين ، فالمراجع والحواشي للكتاب أخذت حيز كبير منه ما يزيد على 160 صفحة .والإخراج العام للكتاب رائع وتقسيم الأبواب جميل لكنه مع هذا ليس كتابا للتسلية بقدر ما هو دراسة أكاديمية جادة .



2.⭐️⭐️⭐️⭐️⭐️
من ناحية فائدة الكتاب في دراسة آثار هذا العلم العرفاني العظيم
أصابتني صدمة بحق!!!!
كنت أعتزم قراءة المثنوي قبل هذا الكتاب وأدركت كم كنت جهولا ، فبصر الرومي وبصيرته تحول كل شئ إلى رمز يكشف عن الجانب الإلهي في كل شئ محيط المحبة هذا لا يقرأ باستخفاف أدركت الآن لماذا أمثال الدكتورة شيمل التي قضت 40 سنة من عمرها في دراسة هذا القطب العرفاني العظيم ، والمستشرق رينولد نيكلسون قضى أيضا 30 عاما في دراسة الرومي وآثاره ..... أدركت كم كنت متبجحا .
فهذا الكتاب لي لقاء معه في المستقبل عند قراءة المثنوي فالباب الثاني والثالث بمثابة معجم للرموز والصور المجازية التي يستخدمها مولانا جلال الدين .

3.⭐️
من ناحية تخريج الآثار والأحاديث كان يجب على المترجم مشكورا أن يشير لهذه المسألة ،
ما أزعجني في الكتاب هو الإشارة لأحاديث بأنها أحاديث قدسية !!!!! أو أحاديث صحيحة ، وهي لا تتعدى كونها أقوال صوفية أو إسرائيليات وبعضها أحاديث ضعيفة ، بالتالي لا بد من الإشارة هنا إلى التعامل مع هذا الكتاب بحذر خاصة في ما يرد فيه من أحاديث إرجع ودقق كل قول وكل حديث ففي النهاية كما قال مولانا الرومي : (وأمير قافلتنا فخر الدنيا المصطفى) ، وكلنا مريدون وطلاب في معهد رسول الله بالتالي لابد الإنتباه لهذا الأمر وهذه بعض الأمثلة :

ما وسعتني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن .... هذا القول لا إسناد له والدكتورة شيميل ذكرت أنه حديث قدسي .

الناس نيام فإذا ماتو إنتبهوا .... تقول الدكتورة شيميل هذا قرار نبوي !!!! وفي الحقيقة هذا قول للإمام علي عليه السلام وكرم الله وجهه .

حديث من عرف نفسه فقد عرف ربه .... هذا الحديث فيه مقالات مختلفة لابد من مراجعتها .

حديث شاوروهن وخالفوهن ...... هذا الحديث فيه مقالات تحكم عليه بالضعف و الوضع .

وأيضا هناك أمر أوقفني إعجاب الدكتورة شيمل بطريقة أحمد الغزالي في العشق الصوري فتقول يجب أن يعد واحدا من الأشياخ العظماء لنظريات العشق الصوفي .

4.⭐️⭐️⭐️
الترجمة ممتازة لنص الكتاب لكنها ضعيفة في ترجمة الشعر .
في الحقيقة لا أعلم ترجمة الشعر هل هي ترجمة جديدة أم نقل عن ترجمات أخرى .

********
لن أراجع المحتوى فنظرة على الفهرس تكفي لذلك لكن أود الإشارة إلى شئ مهم في الباب الأول وهو الإطار الخارجي خاصة لمن سيكون هذا الكتاب بداية تعرفه على بحر الحب هذا ، حتى يطمئن لعدة أمور بخصوص مولانا جلال الدين الرومي أوردت الدكتورة شيمل أدلة بخصوصها :

1.بخصوص نسبة والد مولانا جلال الدين الرومي بهاء الدين ولد إلى مدرسة أحمد الغزالي وتذكر المؤلفة قول الأفلاكي بأن بهاء الدين ولد انتقد طريقة أحمد الغزالي ووصفها بالزنا الروحي .

2.تفاصيل لقاء شمس التبريزي بمولانا جلال الدين والإشارات إلا أن شمس كان متشرعا وليس كما تحاول بعض الروايات الحديثة إظهاره بصورة منفرة .

3.بيان عدم ميول شمس و الرومي إلى مدرسة ابن عربي ونفي شبهة وحدة الوجود عنه .

****************

ويبقى التصوف ليس كلاما يثرثر به ولا شقشقة على أطراف الألسن ...... ولو قرأنا في التصوف العمر كله ما عشنا لحظة وجد مثل ما عاشها العارفون الكبار
فاللهم ارزقنا العمل بما نعلم واجعل لنا من لدنك سلطانا نصيرا .
.... اللهم أوصلنا كما أوصلتهم وأشهدنا كما أشهدتهم
...... ربما سيقدح هذا الكتاب شرارة في روحك تحيلها إلى شمس تشرق فتنتصر .



محمد إقبال.


وآه من قلة الزاد وبعد الطريق ................